"تشي" جيفارا" اعرف المزيد عنه ...

إرنستو "تشي" جيفارا (14 يونيو 1928 - 9 أكتوبر 1967) المعروف باسم تشي جيفارا (Che Guevara)، أو التشي (El Che)، أو ببساطة تشي (Che)، (بالإسبانية: Ernesto 'Che' Ernestico Guevara de la Serna) 
(ينطق غڤارا)، ثوري كوبي ماركسي أرجينتيني المولد، وهو طبيب وكاتب وزعيم



حرب العصابات وقائد عسكري ورجل دولة عالمي وشخصية رئيسة في الثورة الكوبية. أصبحت صورته المنمقة منذ وفاته رمزا في كل مكان وشارة عالمية ضمن الثقافة الشعبية.
سافر جيفارا عندما كان طالبا في كلية الطب في جامعة بوينس آيرس الذي تخرج منها عام 1953، إلى جميع أنحاء أمريكا اللاتينية مع صديقه ألبيرتو غرانادو على متن دراجة نارية وهو في السنة الأخيرة من الكلية، وكونت تلك الرحلة شخصيته وإحساسه بوحدة أمريكا الجنوبية وبالظلم الكبير الواقع من الإمبرياليين على المزارع اللاتيني البسيط، وتغير داخليا بعد مشاهدة الفقر المتوطن هناك.
أدت تجاربه وملاحظاته خلال هذه الرحلة إلى استنتاج بأن التفاوتات الاقتصادية متأصلة بالمنطقة، والتي كانت نتيجة الرأسمالية الاحتكارية والاستعمار الجديد والإمبريالية. رأى غيفارا أن العلاج الوحيد هو الثورة العالمية. كان هذا الاعتقاد الدافع وراء تورطه في الإصلاحات الاجتماعية في غواتيمالا في ظل حكم الرئيس جاكوبو أربينز غوزمان، الذي ساعدت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في نهاية المطاف على الإطاحة به مما سهل نشر ايديولوجية غيفارا الراديكالية. بينما كان غيفارا يعيش في مدينة مكسيكو التقى هناك براؤول كاسترو المنفي مع أصدقائه الذين كانوا يجهزون للثورة وينتظرون خروج فيدل كاسترو من سجنه في كوبا. ما إن خرج هذا الأخير من سجنه حتى قرر غيفارا الانضمام للثورة الكوبية. رأى فيدل كاسترو أنهم في أمس الحاجة إليه كطبيب، وانضم لهم في حركة 26 يوليو، التي غزت كوبا على متن غرانما بنية الإطاحة بالنظام الدكتاتورى المدعم من طرف الولايات المتحدة التي تدعم الديكتاتور الكوبى فولغينسيو باتيستا. سرعان ما برز غيفارا بين المسلحين وتمت ترقيته إلى الرجل الثاني في القيادة حيث لعب دورا محوريا في نجاح حملة على مدار عامين من الحرب المسلحة التي أطاحت بنظام باتيستا.
في أعقاب الثورة الكوبية قام غيفارا بأداء عدد من الأدوار الرئيسية للحكومة الجديدة، وشمل هذا إعادة النظر في الطعون وفرق الإعدام على المدانين بجرائم الحرب خلال المحاكم الثورية، وأسس قوانين الإصلاح الزراعي عندما كان وزيرا للصناعة وعمل أيضا كرئيس ومدير للبنك الوطني ورئيس تنفيذى للقوات المسلحة الكوبية، كما جاب العالم كدبلوماسي باسم الاشتراكية الكوبية. مثل هذه المواقف سمحت له أن يلعب دورا رئيسيا في تدريب قوات الميليشيات اللائي صددن غزو خليج الخنازير، كما جلبت إلى كوبا الصواريخ الباليستية المسلحة نوويا من الاتحاد السوفييتي عام 1962 التي أدت إلى بداية أزمة الصواريخ الكوبية. بالإضافة إلى ذلك كان غيفارا كاتبا عاما يكتب يومياته كما ألف ما يشبه الكتيب لحياة حرب العصابات وكذلك ألف مذكراته الأكثر مبيعا في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية رحلة شاب على دراجة نارية.
غادر غيفارا كوبا في عام 1965 من أجل التحريض على الثورات الأولى الفاشلة في الكونغو كينشاسا ومن ثم تلتها محاولة أخرى في بوليفيا، حيث تم إلقاء القبض عليه من قبل وكالة الاستخبارات المركزية بمساعدة القوات البوليفية وتم إعدامه.
لا تزال شخصية غيفارا التاريخية ملهمة ومحترمة، مستقطبة المخيلة الجماعية في هذا الخصوص والعديد من السير الذاتية والمذكرات والمقالات والأفلام الوثائقية والأغاني والأفلام. بل وضمنته مجلة التايم من ضمن المائة شخص الأكثر تأثيرا في القرن العشرين، في حين أن صورته المأخوذة من طرف ألبرتو كوردا والمسماة غيريليرو هيروويكو (أصل الاسم بالإسبانية ويعني باللغة العربية بطل حرب العصابات) (كما هو موضح في قالب المقال)، قد اعتبرت "الصورة الأكثر شهرة في العالم."

ولد إرنستو تشي غيفارا من أم اسمها سيليا دي لا سيرنا وأب اسمه إرنستو غيفارا لينش يوم 14 يونيو 1928 م في روساريو في الأرجنتين، وهو الأكبر بين خمسة أطفال في عائلة من أصول إيرلندية وإسبانية باسكية.[2] يظهر اسمه القانوني (إرنستو تشي غيفارا) نسبة إلى ألقاب والديه في بعض الأحيان مع إضافة دي لا سيرنا أو لينش له. في إسقاط الضوء على طبيعة تشي "غير المستقرة" ذكر والده أن "أول شيء يمكن أن نلاحظه هو أن ابني يجرى في عروقه دماء المتمردين الأيرلنديين."[3] في وقت مبكر جدا من الحياة، نمى أرنستيتو - كما كان يسمى غيفارا حينذاك - شعور التعاطف مع "الفقراء".[4] بحكم نشأته في أسرة ذات الميول اليسارية كان غيفارا يتعامل مع طائفة واسعة من وجهات النظر السياسية. حتى في الوقت الذي كان فيه صبيا كان والده مؤيدا قويا للجمهوريين من الحرب الأهلية الإسبانية وغالبا ما استضاف العديد من اللقاءات بين قدامى المحاربين في منزله.[5]
بالرغم من المعاناة من نوبات الربو الحادة التي كان يعانى منها غيفارا طوال حياته، إلا أنه برع كرياضي وتمتع بالسباحة ولعب كرة القدم والجولف والرماية، بل أصبح أيضا يقود الدرجات ولا يعرف الكلل ولا الملل.[6][7] كان لاعبا متعطشا في الرغبي ويلعب في خط النصف في فريق النادي الجامعي لبوينس آيرس.[8] أثناء لعبه للرغبي، اكتسب لقب "فوزر" اختصارا "لفوريبوندو" - التي تعني بالعربية المشتعل - واسم عائلة والدته دي لا سيرنا، لأسلوبه العدواني في اللعب.[9] لقبوه زملاؤه في المدرسة أيضا "تشانكو" - التي تعني بالعربية الخنزير - لأنه نادرا ما كان يستحم، وكان يرتدى بفخر قميص "الأسبوع".

تعلم غيفارا الشطرنج من والده وبدأ في المشاركة في البطولات المحلية حين بلغ من العمر اثني عشر عاما. خلال فترة المراهقة وطوال حياته كان غيفارا متحمسا للشعر، وخصوصا للشاعر بابلو نيرودا وجون كيتس وأنطونيو ماتشادو وفيديريكو غارسيا لوركا وغبريالا ميسترال وقيصر باييخو ووالت ويتمان.[10] وكان يمكنه اقتباس ابيات من الشعر لروديارد كبلنغ وأيضا لخوسيه هيرنانديز عن ظهر قلب.[10] كان منزل غيفارا يحتوى على أكثر من ثلاثة آلاف كتابا، مما سمح له أن يكون قارئا متحمسا وانتقائيا، حيث اهتم بالقراءة عن كارل ماركس وويليام فوكنر وأندريه جيد واميليو سالغارى وجول فيرن.[11] إضافة إلى ذلك، كان غيفارا يقرأ أعمال جواهر لال نهرو وفرانز كافكا وألبير كامو وفلاديمير لينين وجان بول سارتر، وكذلك أناتول فرانس وفريدريك إنجلز وهربرت جورج ويلز وروبرت فروست.

إرنستو في سن المراهقة (يسار) مع والديه وأشقائه في كاليفورنيا عام 1944. يجلس بجانبه من اليسار إلى اليمين: سيليا (الأم) وسيليا (الشقيقة)، روبرتو، الأرجنتيني خوان مارتن إرنستو (الأب) وآنا ماريا.

غيفارا في عام 1951 في عمر الـ22
عندما كبر غيفارا أصبح يهتم بالقراءة لكتاب أمريكا اللاتينية مثل هوراسيو كيروغا وسيرو أليغريا وخورخي إيكازا وروبين داريو وميغيل استورياس.[12] قام غيفارا بتدوين أفكار العديد من هؤلاء الكتاب في كتاباته الخاصة بخط يده مع مفاهيمه وتعاريفه، وفلسفات المثقفين البارزين من وجهه نظره، وقام أيضا ببعض الدراسات التحليلية لبوذا وأرسطو، بجانب دراسته لبرتراند راسل عن المحبة والوطنية، والمجتمع من جاك لندن وفكرة نيتشه عن الموت. فتبن غيفارا أفكار سيغموند فرويد حيث أخذ عنه في مجموعة متنوعة من المواضيع مثل الأحلام والرغبة الجنسية والنرجسية وعقدة أوديب.[12] شملت مواضيعه المفضلة في المدرسة الفلسفة والرياضيات والهندسة والعلوم السياسية وعلم الاجتماع والتاريخ وعلم الآثار.[13][14] في 13 فبراير شباط عام 1958، نشرت وكالة المخابرات المركزية "السيرة الذاتية والتقرير الشخصي" السريين الذين أشارا إلى أن غيفارا كان يتمتع بخلفية متنوعة من الاهتمامات الأكاديمية والفكر، ووصفته بأنه "قارئ جيد" وعلقت "أن تشي مثقف رغم كونه من أصل لاتيني "

دخل غيفارا جامعة بوينس آيرس عام 1948م لدراسة الطب. وفي عام 1951م، أخذ إجازة لمدة سنة للشروع في رحلة يعبر فيها أمريكا الجنوبية على الدراجة النارية مع صديقه ألبيرتو غرانادو. كان الهدف النهائي يتمثل في قضاء بضعة أسابيع من العمل التطوعي في مستعمرة سان بابلو لمرضى الجذام في البيرو على ضفاف نهر الامازون. في الطريق إلى ماتشو بيتشو التي تقع عاليا في جبال الأنديز، شعر غيفارا بالذهول لشدة فقر المناطق الريفية النائية، حيث يعمل الفلاحون في قطع صغيرة من الأراضي المملوكة من قبل الملاك الأثرياء.[16] في رحلته أبدى غيفارا إعجابه بالصداقة الحميمية بين أولئك الذين يعيشون في مستعمرات الجذام، قائلا "إنه أعلى أشكال التضامن البشري والولاء الذي ينشأ بين الناس في ظل الوحدة واليأس من هذا القبيل."[16] استخدم غيفارا المذكرات التي اتخذها خلال هذه الرحلة لكتابة كتاب بعنوان يوميات دراجة نارية والذي أصبح أفضل كتاب مبيعا كما وصفته نيويورك تايمز،[17] حيث نال لاحقا جائزة في 2004م عن فيلم مقتبس منه يحمل نفس الاسم.
وفي نهاية هذه الرحلة وصل غيفارا إلى استنتاج بأن أمريكا اللاتينية ليست مجموعة من الدول المنفصلة، ولكنها كيان واحد يتطلب إستراتيجية تحرير على نطاق القارة. كان مفهومه عن الولايات المتحدة لقارة أمريكا من أصل إسباني بلا حدود والتي تتقاسم تراثا لاتينيا مشتركا، موضوعا بارزا تكرر خلال نشاطاته الثورية لاحقا.
لدى عودته إلى الأرجنتين أكمل دراسته وحصل على شهادة الطب في يونيو 1953م مما جعله رسميا "إرنستو غيفارا".[18] ومن خلال أسفاره إلى أمريكا اللاتينية، استنتج غيفارا وجود "اتصال وثيق بين الفقر والجوع والمرض" مع "عدم القدرة على علاج طفل بسبب عدم وجود المال" و"غيبوبة استفزاز الجوع المستمر والعقاب" التي تؤدي بالأب إلى "قبول فقدان الابن على أنه حادث غير مهم". أقنعت هذه التجارب التي يستشهد بها غيفارا، أنه من أجل "مساعدة هؤلاء الناس"، يحتاج إلى ترك مجال الطب، والنظر في الساحة السياسية بحثا عن الكفاح المسلح.

يتبع في مقالات قادمة 

فريق مدونة"حلفايا عالمنا"



شكرا لك ولمرورك